إدارة العملية التشريعية: قراءة للتجربة النمساوية
تعرض المحاضر في المحور الأول لجوهر العملية التشريعية وأشار إلى أن العملية التشريعية هي عملية معقدة متعددة المستويات تتم بطريقة شكلية وتنطوي على مجموعة من الإجراءات القانونية ترجع بجذورها إلى القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى أنها عملية تشارك فيها جهات سياسية بحيث تتداخل فيها المستويات السياسية والقانونية، وفي هذا الإطار تم التنويه إلى القيمة الأساسية للعملية التشريعية والتي تختلف باختلاف أنواع القوانين فمثلاً في القانون الخاص تكمن القيمة القانونية في المحتوى، في حين أنه عند النظر إلى مفهوم سيادة القانون نجد أن فالقيمة القانونية تكمن في جودة العدالة، وفي هذا السياق تم بيان دور نشر القوانين وإتاحة القوانين للجمهور باعتباره عامل رئيسي وهام لتعزيز مبدأ سيادة القانون وتحقيق الشفافية في العملية التشريعية.
وعلى صعيد المحور الثاني فقد بين المحاضر أثر تكنولوجيا المعلومات على العملية التشريعية الذي بدأت ملامحه بالظهور إلى حيز الوجود في السبعينات من هذا القرن وذلك ابتداء من عملية توثيق القوانين ووصولاً إلى أتمتة العملية التشريعية بشكل كامل، مشيراً إلى أن إدخال التكنولوجيا إلى العملية التشريعية هو عمل يقع على عاتق الحكومة وفي سبيل ذلك لابد لها من القيام بخطوتين رئيسيتين أولهما اختيار نموذج للعمل بما في ذلك التنسيق مع المتخصصين في القانون وتكنولوجيا المعلومات وثانيهما تدفق العمل لذلك على الحكومة أن تقوم بتحسين نوعية الإجراءات والمخرجات والمشاركة.
ومن خلال المحور الثالث تطرق المحاضر إلى واقع الحال في النمسا في هذا المجال فمن الناحية الوظيفية تم إنشاء نظام لجمع المعلومات يحتوي على مزية التفاعل والتواصل، ومن ثم إنشاء نظام لتدفق المعلومات بصورة الكترونية، في حين أنه من الناحية التنظيمية تم العمل على إنشاء نظام خاص للبرلمانات ذات المجلس الواحد وآخر للبرلمانات ذات المجلسين، وأخيراً أنشئ نظام مدمج لكل الأجهزة المشاركة في العملية التشريعية.
وفي سياق الحديث عن تجربة إدارة العملية التشريعية في النمسا عرج السيد شمفيك على مشروع القانون الإلكترونيE- law الذي ظهرت الحاجة إليه وذلك لتخفيض تكلفة طباعة الوقائع التي تنشر فيها القوانين.
وعليه فقد اتخذت الخطوة الأولى لإنشاء نظام الكتروني لمساندة العملية التشريعية في 6/6/2001، وفي 1/1/2002 بدأ تدفق المعلومات بشكل الكتروني، وفي 1/1/2004 نشرت كل القوانين مصادق عليها الكترونيا مع بقاء إمكانية الحصول على القوانين غير مصادق عليها إلكترونياً، كما استخدمت تقنية XML والتي تساعد بشكل رئيسي على حفظ النص على المدى البعيد وتسهيل عملية إستراجاعه.
لقد أشار السيد شميفك من خلال هذا المحور إلى مراحل سن القانون النمساوي وإلى الدور الذي تلعبه التكنولوجيا على العملية التشريعية في النمسا سواء قبل وصول مشروع القانون إلى البرلمان أم بعد إقراره من قبل البرلمان، ومن ثم تعرض للتأثيرات الإيجابية للتكنولوجيا على العملية التشريعية من حيث تسارع عملية إصدار القوانين، وتوفير القوانين حال صدورها من البرلمان بالإضافة إلى إتاحة الحصول على النصوص القانونية المدمجة، وأخيراً توفير 60 طن من الورق أي بما يعادل مليون يورو سنوياً.
وعلى صعيد المحور الرابع فقد عرض المحاضر لنموذج آخر لإدارة العملية التشريعية في البرلمان الصربي والمعتمد بشكل كبير على الخبرة النمساوية في هذا المجال، وهو يهدف بهذا الصدد إلى إنتاج الوثائق القانونية، ومن ثم نقلها، ومعالجتها، وتوثيقها، وتخزينها، وتحقيقاً لمثل هذه الغايات كان لابد من توافر عناصر رئيسية على النحو الآتي:
- وجود شكل موحد للوثيقة القانونية موافق عليه من قبل كافة المشاركين في العملية التشريعية، بالإضافة إلى استخدام تقنيةXML ، وتوفير المعلومات الأساسية عن التشريع كالحالة (ساري، ملغي) والمعلومات التاريخية وتاريخ السريان.
- فرض قواعد موحدة للصياغة القانونية ودعم تنفيذها، واستخدام تقنية XML مع إمكانية استخدام تقنية OXML في المستقبل.
- تدفق المعلومات إذ تنتقل الوثائق القانونية في مختلف المراحل الإجرائية، ومن ثم أرشفة النتائج المتمخضة عن كل عملية.
- إتاحة الحصول على المعلومات المؤرشفة، ومن ثم ربط التشريعات بأي معلومات قانونية متعلقة بها بشكل إلكتروني، وأخيراً إتاحة هذه القوانين للجمهور من خلال عرضها على الإنترنت.